ظاهرة مطربي المهرجانات!

ظاهرة مطربي المهرجانات!
ظاهرة مطربي المهرجانات!

ظاهرة مطربي المهرجانات!

بقلم / الدكتور ظريف حسين رئيس قسم الفلسفة بآداب الزقازيق…


يفرض علينا تنامي ظاهرة ما يعرف في مصر بمطربي المهرجانات و تصاعد هذه الظاهر في السنوات الأخيرة عدة أسئلة عن أسبابها ، و لماذا أصبحت بهذه القوة التي جعلت معظم الناس ينقسمون إلي حُسَّاد لأصحاب الملايين من ورائها و أولئك المتأففين من انتشارها شاكِين من سوء تأثيراتها علي ما يعرف بالذوق العام الذي يعبر عن روح الجماعة ، و بالتالي عن العامل المشترك الجمالي بين جموع الشعب.


و توجد ظاهرة الفن الشعبي في كل دول العالم، و لا تخلو منها ذاكرة و لا وجدان ، علي أساس أن الفن الشعبي هو تعبير عن آلام الناس و أفراحهم، أو هو محاولة للتنفيس و التحميس،سواء في بيئة العمل أم في الأناشيد الوطنية. و الفن الشعبي يعبر بذلك عن بصمة الشعور الجمالي العام لدي شعب معين،

و لذلك كان شديد المحلية.
و لما كان الفن الشعبي بصمة خاصة لمنتجيه فإنه يدل علي القيم التي يتبناها هؤلاء ، و يعبر عن تصوراتهم الواقعية و التاريخية و أيضا عن آمالهم المستقبلية. و لنضرب علي ذلك مثلا بما أبدعه فنان الشعب سيد درويش و قدرته علي التعبير البديع و الراقي عن اهتمامات فئات الشعب و خاصة أصحاب الحرف ، فكان يعد بحق مرآة يري فيها الناس أنفسهم ، و بكل إخلاص في التعبير عنهم بعيدا عن الركاكة و السماجة و تزييف الوعي الجمالي و خاصة عند الشباب ، كما هو حاصل في هذه الأيام.


و تعيش هذه الظاهرة علي أذواق الطبقات المهمشة و أصحاب الثقافات الزائفة و الهشة ، و خاصة أصحاب الحرف الذين ينفقون بالليل ما يكسبونه بالنهار . و بذلك يربح مطربو المهرجانات الملايين من جيوب هؤلاء التعساء. و في الوقت نفسه يغيظون المثقفين من علية القوم الذين يحنقون علي مكاسبهم بلا حدود،و أنهم لم يتعبوا أنفسهم بإنفاق معظم سنوات أعمارهم في التعليم و التعمق فيه ، فضلا عن الاستياء العام من التأثير السلبي الذي يتركه الفن الهابط في نفوس محبيه.


و السؤال الآن هو : لما يتمني معظم الناس أن يصبح أبناؤهم من أهل هذا الفن أو من لاعبي كرة القدم… إلخ؟ و نجد أنه حتي أولئك الذي ينعون علي هؤلاء سوء عملهم يحسدونهم و يتمنون أن يكونوا مكانهم أو مثلهم!
و اعتقد أن السبب الوحيد لذلك هو انهيار قيمة التعليم و زيادة بطالة المتعلمين. و لما كانت القيم المادية هي المسيطرة علي عقول الناس بصفة عامة، فإن أحلام الشباب تتراوح بين نجومية الفن و نجومية كرة القدم لتحقيق مكاسب معنوية بالشهرة و مكاسب مادية لا تقارن بها أبدا مرتبات أصحاب أعلي الشهادات.

و لما كان قانون العرض و الطلب هو السيد ، فإن هذه الظاهرة لن تختفي أو تخف حدتها إلا في ظل منافسة قوية من الفن الجميل الأصيل . و أيضا عندما تنتهي بطالة المتعلمين ، و خاصة أصحاب الدرجات العلمية المرموقة.
و يبقي نموذج الفن و قيمة التعليم في الستينات هو النموذج الأبرز ، و التي احتلت مصر به أكبر مكانة في المنطقة لأنها كانت صاحب الريادة الفنية أولا ، و أيضا الريادة العلمية فكانت تصدر لغيرها أصحاب المهن العلمية كالأطباء و المعلمين… إلخ. و ذلك لعلو قيمتهم الفنية و العلمية.

https://www.nesral3roba.com/%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%88%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%b7%d9%81%d9%8a-%d9%88-%d8%aa%d8%b2%d9%8a%d9%8a%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4%d8%a7%d8%b9%d8%b1/الجوع العاطفي و تزييف المشاعر!